الجمعة، 24 أبريل 2009
الى السماء بغير نسل اسماعيل ويعقوب
الى السماء بغير نسل اسماعيل ويعقوب
21/10/2005
منذ اللحظة الاولى التى انطلقت فيها اقدام هاجر جائبة الصحارى ولم تختر بيئة
اهلها على ضفاف النيل, تخلق جين البداوة والشقاوة, وتنقب بغضب ابدى وعدم رضى ازلى, واحتجاج متمكن فى الدم, لا يهدا الا وهو ينفى الاخر , يلغيه,وفى احسن الاحوال يسكن فيه بدلا عن نفسه.
لم تتدخل السماء طيلة تلك الرحلة, حتى ان ذلك الصبى الصغير لا يكاد يظفر بقطرة ماء الا بجهده وشقاوة رجليه فينبجس ما يسقيه ويفيض.وتنمو حول ذلك النبع امة.
او ترى ذلك الجين الغاضب انعكاس لفعل سيدة ابراهيم المفضلة سارة ام انه احتجاج لعدم تدخل ا لسماء..لم لا ..وفى الجانب الاخر سارة وهى تناهز التسعين تضاحكها الملائكة وتواعدها السماء باسحق.
حول ذلك النبع نمت امة الاعراب ذكورية بجينها الذى يختزن عنف سارة ويختزل ماساة هاجرفتصبح الانثى نقطة ضعفه ولازمة عقده الابدية.كانت الانثى هى الموؤدة وان استثنيت من الدفن حية فهى ايضا موؤدة .اما الذكر فعليه اجادة مهنة القتال او مهنة صناعة النصوص او كليهما معا . فمن لا يستطيع المبارزة بالسيف فليبارز بالنصوص فكلاهما عنصر حرب مع اختلاف المقدار.
وفى جهة ثانية تجعل السماء من ابناء سارة نسلا مختارا, منهم من تفديه السما ء بفداء و ومنهم من يكسب الملك وهو فى اوضع درجات ضعفه, ومنهم من ينقذ شعبه و يفلق بهم البحر, ثم يذهب مخاطبا ربه , ويعود حاملا الوصايا العشر , واضعا حجر الزاوية للاديان الحديثة.ويظل نسل سارة صاحب فكرة بيت الرب واللوح المحفوظ وحوارات الانبياء والملائكةوحتى اولى القبلتين.
تلك بيئة العنب والتين تتعانق فيها خصوبتى الارض والسماء وتتنزل الرحمات على مرآى ومسمع الجميع.نسل يعقوب اول من ا سس فكرة بيت الرب او بيت الله ..فكانت فى البدء خيمة تجوب معهم الصحارى والغفارثم اصبحت هيكلا ثابتا ا اسسه سليمان فى اورشليم.
وفى البيئة الاخرى رمل وسيف و نصوص وغضب وحزم وشكوك كجاهزية لممارسة مهنة الحرب فالحرب وسيلة العيش ومصدر الرزق, وغنائمها دعامة اقتصاد المجتمع..لذا لم يكن مستغربا حين جاء الدين (الاسلام) كان القول المأثور ليس منا من لم يغزو او ينوى الغزو.
نسل اسماعيل اختار منحوتات الحجر والطين والتمر وغيرها لتقربه الى الله زلفى..
والعلاقة بالله,, علاقة الطلب والعطاء والجزاء و الوفاء..فالبيئة كانت فقيرة وكذلك كانت النفوس ..فاصبحت العلاقة بالمعبود علاقة العمل بالجزاء وعلاقة الطلب والقبول , كعلاقات العشارين بقليلى الحظوظ , ولم يكن للرحمة متسع فى النفوس .الحياة الروحية توجهها اصوات البوم والغربان وقراءة الرمل وانتظار زفرة تخرج من فم مناة او انف العزى.
بيئة , طيور السماء فيها اكثر حكمة من البشر.ودواجن الارض اكثر استشعارا لقيمة الحياة من ناسها.البيئة الجرداء شحيحة العطاء, خلقت نفوسا بائسة ,قلوبا غليظة ,و عقولا ضاق بها الافق بضيق الحياة..فآثرت ملازمة بؤس الصحارى , وكانه اصرار على اختيار ما هو ضد البقاء..
الم نقل ان طيور السماء اكثر حكمة , فهى تبحث عن الاعتدال حين يشتد حمو الشمس , وتهاجر الى الدفء حين يقسو زمهرير الشتاء, وما بينهما ترحال الى مصادر الخصوبة والرزق..ولم يكن فى الاعراب الا القليل منهم يؤممم شطر الشام للاتجار مرات محسوبة فى العمر بقدر سعة الحال...
وفى بيئة ثالثة تمتد من الشلال الثانى على النيل جنوبا..كانت ارض السودان..حيث التقرب الى الله على امتداد المكان ..كانت ذبائح التقربة وبخور العطور ترفد روحانياتهم بشفافية الشكر على النعمة وبهجة الحب للمعبود.وفيهم اورد هومر فى الياذته ان آلهة الاغريٌق اوليمبس اعجبت بكرمهم فى التقدمات للالهة والتقربات واغتبطت باخلاص عبادتهم حتى اصبحت تحضر مواسم تقرباتهم وتزورهم برغم انهم فى المنطقة التى تحرق فيها الشمس جلد البشر فيتغير لونه..فكانت ذوى البشرة المحروقة صفتهم, مترجمة من الاغريقية.
كان اهل السودان فى ذاك الزمان يعرفون ان الله لا يقيم فى بيت بناه بشر ولا يخاطب خلقه من خلال حجر ..لذا كان الفضاء الواسع الممتد مكان تقرباتهم.والتقربات شكر لسعة الرحمة. والحب غير المشروط ملازم لصفاء المحب والمحبوب.والبيئة المعطاءة تبذر فى الانسان الحب بلا شروط ,والتعبد بغير شروط.
فى بيئة بنى يعقوب تتوالى علاقة الرب بالناس حيث الملائكة لاتكاد تنقطع ..نبى تلو نبى , ورسول تلو رسول , وكل رسالة تعقب الاخرى لتجودها وتعززها..وليس ثمة رسالة تلغى وتجب. ويعلم نسل يعقوب ان المصدر واحد , فلا يناقض ذاته عبر مرسليه .فتتراكم المعارف الألهية عندهم , وتتفاوت فى درجات وضوحها وادائها , فمنهااليومى المتاح للجميع , ومنها الغامض للقادر من المجتهدين.عبر قرون عديدة من الاختصاص فى علاقات الخالق بالمخلوق ا ستطاع نسل يعقوب ان يؤسس فكرة الدين .
لحديث.يتواصل.....عبد اللطيف الفحل
كان السودانيون يدركون انهم لايحتاجون ليكونوا من سلالة نسل اسماعيل او يعقوب ليعرفوا الله او ينالوا نعمته..وان الله لا يحتاج من عباده حتى يتقبلهم ان ينحدروا من الاثنى عشر قبيل او ان يتعمدوا ذهنيابالمرور بمرحلة البداوة العربية فى القرن السادس الميلادى, حين كان الانتقال من وثنية الصنم فى توسطه لله الى صيغة النص ليتولى نفس المهمة كقفزة نوعية فى العلاقة بالمقدس.
البنوة لابراهيم بالميلاد لعبت دورا هاما فى صبغ اليهودية والاسلام بمراسم بركات شخصية ومقامات خاصة على مستوى بنوة الاصلاب فى كلا الديانتين.لكن مفاهيم البركة فى الاسلام تمددت لتشمل بنوة اللغة . وذلك بمرجعية القول الماثور ) من تكلم العربية فهو عربى( واكتفت اليهودية ببنوة الاصلاب فقط. برغم ان لغة السماء فى مخاطبة موسى كانت عبرية..واستمرت خيمة الرب فى خلوات نسل يعقوب تؤمن اتصالاتها بالسماء با للغة العبرية فلم يعرف العالم للعبرية قداسة ولم يشر اليهود الى ان الله اختار لغتهم كما اختارهم وفضلهم ليس فقط على ابناء عمومتهم نسل اسماعيل بل تعدى ذلك الى العالمين
برغم ان اليهودية كانت اسبق من الاسلام ففكرة الاختيار الالهى لليهود تقوم اساسا على الانتماء العرقى وليس مجرد الاعتقاد.لذلك اهتم اليهود بانسابهم فهى مصدر الاختصاص الالهى و حافظوا عليها وهم فى ظروف الشتات بما فى ذلك فترة اقامتهم بين ابناء عمومتهم العرب حتى مجىء الاسلام .
بواكير حملات العسف ضد نسل يعقوب حملت عددا منهم للالتجاء ببنى عمومتهم نسل اسماعيل فى ارض الحجاز كانت اقامة اليهود فى ارض الحجاز مع بنى عمومتهم العرب غاية فى التحدى والاغاظة, تحد فى احتكار المعرفةحيث كانت المعرفةالدينية سيدة معارف ذلك الزمان فهى تتحدث عن علاقة الانسان بخالقه وقصص الخلق و فضائل لم تكن متعارفة لدى الاعراب. وكانت اغاظة فى انها غير متاحة للعرب اصحاب البلاد الاصليين ليس لانهم من نسل هاجر خادمة السيدة اليهودية سارة,ولكن لانه ممنوع عليهم منح علمهم للامميين اى غير اليهود .
و الامميون من الامم, و التى اصبحت تقرأ وتكتب بمعنى اميين(وكانوا يقولون ليس لنا على الاميين سبيل) اى الامميين اللامنتمين لليهود و سنرى ان تلك اللفظة استخدمت فيما بعد لتعنى الذين يجهلون القراءة والكتابة.وتلك مفارقة لها حيز آخر ..اهتمام اليهود بالانساب لم يكن بقصد الفخر بقدر ما انه لتاكيدالاختيار الالهى لليهودى القائم اساسا على العرق و انهم من نسل يعقوب.فى نفس الاتجاه اهتم الاعراب بالانساب كمدعاة للفخر الاجتماعى مفرغا من القداسة وهويتسلسل حتى اسماعيل.وذلك يتطابق مع مضمون (من هاجر ولد ابراهيم اسماعيل بحسب الجسد, وولد ابراهيم من سارة بحسب موعد الرب)..
عجز الاعراب عن الحصول على مصادر المعرفة وهامت بهم اخيلتهم لصناعة اوثانهم,عقيدة الفناء والافناء بقدر ملازمتها لهم فى الغزو فهى ايضا ملازمة لعلاقة الفرد ببنيه حتى من غير ظروف حرب..وكما هو معلوم كان الشديد منهم او الضعيف يقدم على دفن ابنته حية ولا يرف له جفن كعملة خاسرة أقتصاديا فى بيئة شحيحة و مجلبة عار عند الاسر..ولكنهم من ناحية برعوا فى صناعة الانساب برغم خلوها من قداسة الاختصاص الالهى كما عند اليهود.ولعلنا ندرك ان رواة الانساب مع رواة الشعر يشكلون الماس ميديا فى ذلك الزمان فمن يملك المال والسطوة يسخرهما معا لصالحه .ويذكر عن بن الكلبى انه كان من الثقاة من رواة الانساب.حين تقدم اليه خالد بن القصرى ليحدثه عن جدته فصنع له بن الكلبى نسبا شريفا يخالف حال جدته..وسعد بذلك بن القصرى واجرى له مكافاة.(راجع كتاب الاصنام لابن الكلبى) وسوف نرى لاحقا كيف ان مهنة تزوير الانساب قد دخلت السودان مع الدين...وكانت لاجل الدعوة فقط......... .
اجادوا الشعر ايضا .ولم لا فالشعر احماءة المقاتلين بعد خلودهم للراحة وهو اداة التوجيه المعنوى بمصطلح اليوم ..وله مآرب أخرى ..وعادة يسبق المبارزة بالسيف المبارزة بالنصوص .
اذن كان النص واالسيف , الشعر والقتا ل صنوان يشكلان مهنة الحياة الاساسية..الغزو..النهب..الاغارة والتى تحولت لاحقا بعد مجىء الدين الى فتح.
.يتواصل....عبد اللطيف الفحل
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق