الاثنين، 25 مايو 2009

هل يتكرر الزحف على الخرطوم

مسكين غردون باشا .. على الرغم من انه كان قائدا متدينا يقرا الكتاب المقدس على نحو يومى الا ان الله لم يدافع عنه حين تقاعست حكومة صاحبة الجلالة فى ارسال التعزيز العسكرى بالسرعة اللازمة... وفى المقابل لم يكن الله حليفا لمحمد احمد الدنقلاوى فى انجاح زحفه نحو الخرطوم ولكنها سنوات الاعداد العسكرى والمعنوى له ولتابعيه من المقاتلين..مع استكمال بعض الظروف الاخرى.. .الخرطوم 1884 فى ذلك الوقت قلب وراس الدولة . .وحين زحف محمد احمد نحوها لم يكن يقصد مواطنيها وسكانها من المدنيين بل كان يستهدف سلطة الدولة . .عقل الدولة وكيان الدولة المتمثلة فى مؤسسات وقيادات لها المقدرة فى التحكم على رقاب الناس بمسميات وبمبررات لا يجروء مواطن عادى فى التصدى لها .. الخرطوم( العاصمة المثلثة) الان تتجاوز ان تكون عاصمة البلاد الى انها موطن كل مواطن سودانى .. فمن من السودانيين من لا تقيم اسرته او جزءا هاما من اسرته فى الخرطوم ؟. .اذن وبكل المقاييس لا احد يتمنى شرا لموطنه... ولاهله ومواطنيه ... حتى فى حالة الخرطوم التى كانت محتلة بالكامل من قبل غاز اجنبى فهنالك عدد من سكان المدينة الذين حاربوا فى صف غردون ضد المهدى.. لا شك انه توجد دوافع وحوافز ومخاوف ومطامع فى جعل بعض سكان العاصمة يستمسكون بما هو كائن وقائم فيعاندون فكرة التغيير لاسباب تتعلق بالاستقرار النسبى اكثر من تعلقها بمقولة ( الجن التعرفو ولا الجن الما تعرفو).. بعد اكثر من مائة عام مازالت الخرطوم هى معقل الدولة المتسلطة... كل مؤسسات الادارة المركزية للسودان بكل موروثاتها فى الفساد وتبعاتها التاريخية فى اللامبالاة بالمواطن..تنطلق من هنا... .(ولم تجد محاولات التقسيم الادارى لولايات ..محافظات ..او مديريات الا لمزيد من تكريس منظم للفساد) كل مؤسسات الاستنزاف المالى واسترقاق الدولة الرسمى لقطاعات الشعب المنتجة تنطلق من هنا ...وتصب هنا فى الخرطوم .... ولكنها لا تصب فى خدمات شعبية .ولاتذهب لعامة الناس على هيئة دعم للحياة او تخفيف لاعبائها .... بل مجملها يذهب لمؤسسة طفيلية غير منتجة تسمى المؤسسة العسكرية....المؤسسة العسكرية السودانية . .ولللاسف كانت وما تزال تقوم بدور اسوا من مما قامت به الادارات الاستعمارية المحتلة .. وبرغم بشاعة مصطلح الادارة الاستعمارية الاانها كانت تخضع لنظم وقنوات ادارية ومحاسبات وعقوبات لمن يثبت فى حقهم ممارسات تخالف قوانينهم. .فى حال المؤسسة العسكرية السودانية بشقيها الجيش والبوليس... العسكرى دائما على صواب والمواطن (ملكى او مدنى على خطأ). .يحدث ذلك للاسف حتى فى عهود الحكومات المدنية . .وهذه واحدة من نقاط ضعف الحكومات المدنية فى عجزها عن تقنين المؤسسات العسكرية لتكون خادمة للشعب بدلا من ان تكون مستعلية عليه.. بل الاسوأ من ذلك ان تسمح الحكومات المدنية للمؤسسات العسكرية بكامل ذخائرها ومتفجراتها وعتادها بالاقامة وسط الاحياء السكنية... ومن الخرطوم ايضا تنطلق هذه المؤسسة العسكرية فى احدى مهامها الاساسية ..وهى الحاق الهزيمة بهذا الشعب . . بملاحقة المواطنين الرافضين للذل والاسترقاق الرسمى للدولة لهم ... المتمردين ضد الاستنزاف غير مردود العوائد لعرقهم ... ومهمة المؤسسة العسكرية ان تهزم هؤلاء بل وتؤدبهم لصالح المؤسسة نفسها التى اصبحت دولة فى داخل الدولة السودانية تضمن لمنتسبيها الاستقرار ..الامتيازات والخدمات الخاصة.. والمعاشات الكافية لما بعد الخدمة حتى الممات... وهى المؤسسة التى يجدر ان يطلق عليها طفيلية ضارة تعيش على عرق الشعب ثم تطغى عليه... الزحف على الخرطوم يعنى زحف على دولة داخل دولة ..مؤسسة عسكرية تختبىء فى محاجر الاحياء السكنية...عسكر يتطاولون على الشعب ليس فقط بسرقة ونهب الدولة وانما يتعدى ذلك الى تجاوز المواطن فى صفوف الجنسية والرغيف ووسائل المواصلات.. هزيمة العسكر للمواطن هى ممارسة يومية يمكن ان يشاهدها المواطن فى ذوى الرتب وهم يتجاوزون صفوف الخدمات وطوابير المواطنين لانجاز ما يريدون باسرع واقصر السبل ..وهذه واحدة من مباغى الجدية والانضباط والتصميم على تحقيق الاهداف التى تدربو ا عليها.... .وربما يقول قائل ..لا فالعسكر لحماية سيادة السودان ... اذن اذهبو ا وابحثوا عنهم فى حلايب السودانية حيث الجيش والشرطة المصرية والعلم المصرى ... بل ومواطنين سودانيين يمنحون تسهيلات وبطاقات الولاء لمصر ..فالجيش الذى يفترض ان يحمى السيادة لايوجد هناك ولا يجرؤ على الذهاب الى هناك .. يوجد بطيرانه ومدرعاته حيث بيوت القش والطين فى الجنوب ودارفور... تجده حاضرا مستبسلا ليحرق العزل من مواطنيه لا يستثنى اطفالا او نساء ...تلك هى دولة العسكر فى السودان . .تلك هى دولة البغى التى تختبىء بين المواطنين فى الخرطوم.. وهى هدف الزحف القادم .. .كانت هنالك محاولات من قبل ..اهمها فى العام 1976. .فشلت لانها كانت تستهدف السلطة. .الزحف القادم عنوانه ( الحصاد )... .سوف لن يكون من دالاس او فانكوفر....ولن يمر بلاهاى.... . برغم ان لاهاى عطلت التسارع واهمدت همم المواجهات التقليدية . .الا انها افادت فى استطالة حالة الاسترخاء النسبى .. الذى صمد حتى حدثت مجزرة المهندسين فى ام درمان.. .( الحصاد ) عنوان الزحف القادم ...فهل ينجح.؟.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق